نظَّم موقع “زحلة بوليتيكس” و”الإستشارية للدراسات” ندوة عن “الحرب في أوكرانيا وتداعياتها السياسية والإقتصادية” في مطعم “نبع الحبيس” – الفرزل، بمشاركة مجموعة من الإقتصاديين والأساتذة الجامعيين والصحفيين والمهتمين بالشأن العام، ضمت نائب رئيس بلدية الفرزل مخايل مهنا، نائب رئيس غرفة التجارة والصناعة في زحلة والبقاع منير التيني، عضو الغرفة طوني طعمة، الدكتور جورج سمعان، الدكتورة داليدا البيطار، الدكتورة كريستيان مشعلاني، الصحفي صبحي منذر ياغي، المهندس غازي غصن، الناشطون ربيع صيدناوي، ابراهيم أحمراني، خليل عبد الأحد، كارلوس أبو نجم، جاد جريس.
أبو نجم
بداية كانت كلمة لناشر موقع “زحلة بوليتيكس” الصحافي ميشال أبو نجم لفت فيها إلى التداعيات الكبرى على لبنان والعالم العربي جراء الحرب في أوكرانيا وخاصة على الصعيد الإقتصادي، مشيراً إلى الإطار الجيوبوليتيكي للصراع الراهن والمتمثل بالصراع بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، ولافتاً إلى أهمية أوكرانيا الإستراتيجية في قراءات مؤسسي علم الجيوبوليتيك ومن بينهم هالفورد ماكيندر والمنظر للأوراسية الحديثة ألكسندر دوغين ومستشار الأمن القومي الأميركي الراحل زبيغنيو بريجنسكي.
رزق: الهدف ليس كييف بل تثبيت الهيبة
ثم تحدث ناشر “الإستشارية للدراسات” المحلل الإستراتيجي عماد رزق الذي اعتبر ما يحصل حرباً بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، وأشار إلى سلسلة من التداعيات والنتائج المترتبة على الحرب. وأكد أن الملف الأساس بالنسبة لروسيا هو مواجهة هيمنة الولايات المتحدة وتثبيت الهيبة الروسية خاصة وأن الرئيس فلاديمير بوتين يتبنى العقيدة الوطنية لتحقيق الإنتصار. ورأى أن المعركة العسكرية لن تتوقف حتى تحقيق أهدافها الموضوعة من القيادة الروسية، وأن الهدف الروسي ليس الوصول إلى العاصمة كييف، ومعتبراً أن روسيا لا تريد هزيمة أوروبا بل أن تكون حاجزاً بينها وبين الولايات المتحدة.
وذكّر بسلسلة من الأحداث التي أتت في إطار تطويق روسيا، كالإنقلاب الفاشل في بيلاروسيا والفوضى في كازاخستان والصراع بين أرمينيا وآذربيجان.
وأكد رزق أن من بين التداعيات نشوء نظام عالمي جديد لا تتمتع فيه أميركا بوضع القطب المهيمن الوحيد، ولفت إلى النتائج المترتبة على مسألة السيادة ومفهوم التدخل الإنساني الذي استعملته الولايات المتحدة لنشر الفوضى. وقال إن الترابط بين الدول يتعزز، وإن الواقع يشير إلى توسع مسألة الحوكمة الدولية للنزاعات والإقتصاد المعولم. وفي هذا الإطر لفت إلى أن شكل العقوبات الإقتصادية الغربية يتطور.
وأشار رزق إلى العلاقة التنافسية – التعاونية بين روسيا وعدد من الدول من بينها تركيا في سبيل تحقيق أكبر قدرر ممكن من المصالح. وقال إنه على المستوى الإقتصادي تداعيات كبيرة على الطاقة لجهة الأسعار غير المستقر، وتذبذب أسعار المعادن بين الصعود والهبوط، مشدداً على أن أسعار المواد الغذائية ستبقى مرتفعة.
ورأى رزق أن الصراع في أوكرانيا انعكس على مسألة الغاز في شرق المتوسط، لافتاً إلى أنه لم يعد من خيار لإسرائيل سوى نقل الغاز إلى مصر ليتم تسييله هناك في المحطات المعدة لذلك.
مداخلات الحضور
وشددت مداخلات الحضور على ضرورة تحقيق الإكتفاء الذاتي في لبنان خاصة في مجال الحبوب، مشيرين إلى أن لبنان لا ينتج سوى 20% من الحبوب التي يستهلكها. كما لفتت المداخلات إلى دور الصين في الصراع وتصاعد التوتر بينها وبين الولايات المتحدة، وإلى الإنعكاسات على الغاز في شرق المتوسط وعلى أنبوب “نورد ستريم”. ورأى بعض المتحدثين أن الولايات المتحدة لا تريد سوى مصلحة إسرائيل في الشرق في الوقت الذي يتنازع فيه اللبنانيون بسبب العقليات القبلية والطائفية والحزبية.
كما اعتبر بعض الإعلاميين المشاركين أن الدعاية “البروباغاندا” الأميركية انتصرت وأنه لا بد لروسيا أن تفكر في تطوير هذا الملف، ولفتوا إلى مسألة مفهوم “تصحيح الأخطاء التاريخية” والتي استفاد منها النظام في سوريا، بحسب رأيهم. وأكد مشاركون آخرون مسألة القوة في مجتمعات المشرق لأنها الكلمة الفصل الوحيدة في الصراع والدفاع عن الحقوق والمصالح. كما شددت المداخلات على أهمية صياغة دور حضاري واقتصادي للبنان وسط كل هذه الأزمات والصراعات.